السعودية تفرض تعتيماً على الانتهاكات بحق الحجاج والمعتمرين وتُقوّض قدسية الحرمين

تعرب الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين عن قلقها العميق إزاء استمرار المملكة العربية السعودية في فرض تعتيم إعلامي ممنهج على الانتهاكات والكوارث التي يتعرض لها الحجاج والمعتمرون في أراضيها، في وقتٍ يفترض أن تكون فيه حكومة المملكة راعيةً لأمنهم وحقوقهم، لا طرفًا في الاعتداء عليهم أو انتهاك كرامتهم.
إن الضيافة الحقيقية لضيوف الرحمن لا تُختزل في تقديم الطعام أو توفير المأوى، بل تتجلى أولاً وأساسًا في صون كرامة الحجاج والمعتمرين، وضمان أمنهم وسلامتهم، واحترام حقوقهم الدينية والإنسانية دون تمييز أو تقييد. غير أن الواقع القائم يكشف عن عكس ذلك تمامًا، حيث بات الوصول إلى الحرمين محفوفًا بالمخاطر السياسية والأمنية، يتعرض فيه بعض المسلمين للمنع أو الاحتجاز أو الترحيل القسري، دون أي مبررات قانونية أو احترام لمكانة الشعائر المقدسة.
وتوثق الهيئة، استنادًا إلى شهادات عائلات ومصادر حقوقية، استمرار احتجاز السلطات السعودية لعشرات الحجاج والمعتمرين من جنسيات مختلفة، اختفوا قسرًا أثناء أداء المناسك، أو اعتُقلوا على خلفية تعبيرهم عن آرائهم، أو ارتباطهم ببلدان لا تحظى برضى سياسي من الرياض. هؤلاء الضحايا يُحتجزون لأشهر، وأحيانًا لسنوات، دون محاكمات عادلة، ودون تمكينهم من التواصل مع ذويهم أو الحصول على تمثيل قانوني.
وتُعد هذه السياسات خرقًا صارخًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ولأبسط مبادئ العدالة، وتُناقض تمامًا ما تروّج له المملكة من شعارات “خدمة الحرمين” و”رعاية ضيوف الرحمن”. كما تشكل مخالفة لجوهر رسالة الحج والعمرة كفريضة روحانية جامعة، تُفترض أن تكون بمنأى عن الحسابات السياسية أو الانتقامات الأمنية.
إن الهيئة الدولية تؤكد أن إدارة الحرمين ينبغي أن تخضع لمعايير الشفافية والمساءلة، وأن تلتزم المملكة بتمكين كل مسلم من أداء مناسكه بحرية وأمان، دون أن يخشى من الاعتقال أو الإهانة أو المنع على خلفية جنسيته أو انتمائه أو موقفه السياسي.
وتطالب الهيئة بما يلي:
الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الحجاج والمعتمرين المعتقلين تعسفيًا في السجون السعودية، وتمكينهم من التواصل مع عائلاتهم وتقديم الرعاية القانونية لهم.
إنشاء آلية رقابة دولية مستقلة ترصد إدارة المملكة لشؤون الحج والعمرة، وتوثّق الانتهاكات الحاصلة، بما يضمن حقوق وسلامة جميع الزوار دون تمييز.
وقف استخدام موسمَي الحج والعمرة كأداة ابتزاز سياسي، والامتناع عن منع المسلمين من دخول الأراضي المقدسة بناءً على مواقف حكوماتهم أو خلفياتهم الفكرية.
تمكين الإعلام المحلي والدولي والمنظمات الحقوقية من التغطية الحرة لمواسم الحج والعمرة، بما يعزز الشفافية ويكسر سياسة التعتيم الإعلامي المفروضة حاليًا.
دعم مطالب تشكيل هيئة إسلامية مستقلة تشرف على إدارة شؤون الحرمين الشريفين، بما يعيد لهذين المقامين مكانتهما الجامعة في وجدان الأمة الإسلامية.
إننا في الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين نؤكد أن السكوت عن هذه الانتهاكات هو تواطؤ ضمني معها، وأن الدفاع عن حقوق الحجاج والمعتمرين هو واجب ديني وأخلاقي، لا يمكن تأجيله أو تجاهله.
ولكل مسلم، أينما كان، الحق في الوصول الآمن إلى الأماكن المقدسة، وممارسة شعائره الدينية بكرامة، دون خوف أو إذلال أو قيد سياسي.