ارتفاع وفيات الحج إلى 493 حاجًا وسط صمت سعودي مطبق: الأرواح تُزهق بلا محاسبة

تُعبّر الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين عن بالغ القلق إزاء الارتفاع الكبير في حصيلة الوفيات بين الحجاج خلال موسم الحج 1446هـ/2025م، والتي بلغت حتى الآن 493 حاجًا من جنسيات متعددة، في ظل استمرار الصمت الرسمي السعودي، وغياب أي إعلان عن أسباب هذه الكارثة أو عن فتح تحقيق مستقل وشفاف يُنصف الضحايا ويُطمئن أسرهم.
وفي الوقت الذي تُواصل فيه الجهات الرسمية السعودية ترويج رواية “نجاح الموسم” عبر وسائل الإعلام، تُسجَّل أرقام الوفيات تباعًا من بعثات الحج المختلفة حول العالم، في تناقض صارخ بين الخطاب الرسمي السعودي والواقع الميداني الذي يشي بإخفاقات خطيرة على مستوى الإدارة والرعاية والخدمات.
وتُعرب الهيئة عن قلق خاص تجاه ما تم توثيقه من وفاة 350 حاجًا إندونيسيًا حتى الآن، وهي أعلى حصيلة من حيث الجنسية، إضافة إلى حالات وفاة أخرى شملت حجاجًا من كوسوفو، الهند، تونس، مصر، باكستان، ومناطق أخرى من العالم الإسلامي، وسط معاناة مئات الأسر من انقطاع الأخبار عن ذويهم، وصعوبة الحصول على أي تقارير طبية أو معلومات عن مكان الدفن.
إن الهيئة تُحمّل السلطات السعودية المسؤولية الكاملة عن هذه الحصيلة المؤلمة، وتُدين اعتمادها سياسة الصمت والتجاهل بدلًا من الشفافية والمساءلة، معتبرة أن ذلك يُجسد نمطًا متكررًا من الإهمال الرسمي الذي سبق أن ظهر في مواسم حج سابقة، حيث لا يُكشف عن أعداد الوفيات إلا تحت ضغط إعلامي أو حقوقي، ودون فتح أي مسار للمحاسبة أو التصحيح.
وتُذكّر الهيئة بأن احترام الحجاج يبدأ باحترام حقهم في الحياة، وحق عائلاتهم في معرفة الحقيقة. وتكرار هذا التجاهل يعكس بوضوح أن السلطات السعودية تضع الاعتبارات السياسية والدعائية فوق سلامة الحجاج، وتتجاهل التزاماتها الدينية والإنسانية تجاههم.
وتدعو الهيئة الأمم المتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي، والمقررين الخاصين المعنيين بحقوق الإنسان إلى دعم مطلب فتح تحقيق دولي مستقل وشفاف في ظروف هذه الوفيات، والتحقق من مدى توفر الإجراءات الوقائية، والخدمات الطبية، والبنية التحتية الضرورية لإدارة مثل هذا الحدث الحساس الذي يشارك فيه ملايين المسلمين سنويًا.
كما تدعو الهيئة الدول الإسلامية التي فقدت مواطنيها إلى عدم القبول بالروايات الغامضة أو الغياب الإعلامي، وممارسة الضغط السياسي والدبلوماسي على السلطات السعودية من أجل الكشف عن الحقيقة، وتقديم التفسيرات الرسمية، وتعويض أسر الضحايا، وضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث مستقبلًا.
وفي الختام، تُجدد الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين دعوتها إلى نقل إدارة الحج من الاحتكار السعودي الأحادي إلى إشراف إسلامي مشترك متعدد الأطراف، يضمن الشفافية، والمساءلة، وسلامة الحجاج، بعيدًا عن التسييس والاستغلال.