تراجع أعداد الحجاج لعام 2025 يثير القلق ويستدعي المساءلة

تعرب الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين عن قلقها البالغ إزاء الانخفاض الكبير في أعداد الحجاج خلال موسم حج هذا العام، والذي بلغ نحو 1.6 مليون حاج فقط، في أدنى عدد يُسجّل منذ أكثر من 25 عامًا، باستثناء الأعوام التي تأثرت بقيود جائحة كورونا.
ويأتي هذا التراجع اللافت في الأعداد بعد مواسم شهدت تعافيًا تدريجيًا، حيث بلغ عدد الحجاج في عامي 2023 و2024 ما يقارب 1.8 مليون حاج سنويًا، بينما كانت الأعداد في الفترة ما قبل الجائحة (2017–2019) تتجاوز 2.3 مليون حاج سنويًا.
هذا الانخفاض غير المبرر، في ظل رفع القيود الصحية واستقرار الأوضاع الأمنية والسياسية، يُثير تساؤلات جدية حول سياسة إدارة السلطات السعودية للمشاعر المقدسة.
رؤية غير محققة ووعود معلّقة
رغم ما أعلنته السلطات السعودية ضمن “رؤية 2030” من هدف برفع الطاقة الاستيعابية إلى 6 ملايين حاج سنويًا، تُظهر المعطيات أن المملكة لم تتمكن بعد مرور نصف المدة من تحقيق حتى نصف هذا الرقم.
إذ يُفترض أن يبلغ عدد الحجاج هذا العام على الأقل 3 ملايين حاج، وهو ما لم يتحقق، ما يعكس تباعدًا واضحًا بين التصريحات الرسمية والواقع الفعلي.
أين الشفافية؟ ولماذا الصمت؟
تُعبّر الهيئة عن استغرابها من غياب أي تقارير شفافة أو توضيحات رسمية تشرح أسباب هذا التراجع الملحوظ في الأعداد، وهو ما يُقوّض مبدأ المساءلة، ويُعمّق من الشكوك حول نجاعة السياسات الحالية في إدارة هذه الشعيرة الكبرى.
إنّ التعتيم على هذه الأرقام وعدم تقديم تفسيرات مقنعة، يُثير قلقًا واسعًا لدى المجتمعات الإسلامية التي ترى في الحج حقًا دينيًا أصيلًا، وليس امتيازًا تُقرره اعتبارات استثمارية أو أمنية ضيقة.
دعوة للمساءلة والمشاركة العادلة
تؤكد الهيئة أن الحق في الحج هو حق لجميع المسلمين، ويجب أن يكون خاضعًا لمعايير العدالة والمساواة والشفافية، لا لاعتبارات الربح أو الإقصاء أو التحكم السياسي. وفي هذا السياق، تدعو الهيئة:
السلطات السعودية إلى الإفصاح الكامل عن الأسباب الفعلية وراء انخفاض أعداد الحجاج لهذا العام.
منظمة التعاون الإسلامي والمؤسسات الدينية العالمية إلى تحمّل مسؤوليتها في حماية حق المسلمين في الوصول إلى الحرمين الشريفين، بعيدًا عن سياسات الحجب أو التقييد غير المبرر.
المجتمعات الإسلامية حول العالم إلى المطالبة بمراجعة آليات تنظيم الحج، والضغط من أجل إطار تشاركي عادل يضمن وصولًا حرًا وآمنًا ومتساويًا لكل مسلم راغب في أداء هذه الفريضة.
وإن الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين تُعيد التأكيد على أن التحكم الحصري بالمسجد الحرام والمشاعر المقدسة من قبل جهة واحدة دون رقابة أو مساءلة، يفتح الباب واسعًا أمام الاستغلال السياسي والديني، ويُعرض مصالح ملايين المسلمين للخطر.
ولذلك، فإننا نجدد الدعوة إلى إشراك المؤسسات الإسلامية المستقلة في الرقابة والتنظيم، بما يضمن إدارة شفافة ومنصفة للحج والعمرة، بما يليق بحرمة المكان ومكانة الشعيرة.
يذكر أن الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين هي جهة مستقلة تُعنى برصد وتوثيق سياسات المملكة العربية السعودية في إدارة الأماكن المقدسة، والدفاع عن حق المسلمين في الوصول إليها بعدالة وشفافية.