رصد الانتهاكات

الحج ليس آمناً: فشل إدارة السعودية للحرمين بلغ حدّ الكارثة

تشيد الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين بالتفاعل الواسع الذي شهده وسم “#الحج_ليس_آمنا” في مواقع التواصل الاجتماعي، والذي عبّر من خلاله المسلمون من مختلف الدول عن قلقهم المشروع إزاء سوء إدارة السلطات السعودية لشعيرة الحج، واستمرار الانتهاكات التي تمس قدسية المكان وكرامة الحاج وأمنه.

لقد أكد هذا الوسم، بما حمله من شهادات حية ومواقف شجاعة، أن الحج ليس مجرد طقس ديني، بل قضية أمة، ومسؤولية جماعية تتطلب مساءلة حقيقية لإدارةٍ أثبتت فشلها المتكرر في تأمين سلامة الحجاج، في وقت تبذل فيه ذات الإدارة أقصى الجهود لتسويق نفسها كراعٍ عالمي لقطاع الترفيه والسياحة.

إن الهيئة تعتبر هذا التفاعل دليلاً حياً على أن المسلمين لم يعودوا يقبلون باستمرار الانتهاكات التي يتعرض لها الحجاج، من حرمان وتأخير وظروف غير إنسانية، وصولًا إلى الكوارث الدورية التي تحصد أرواح المئات.

فالموسم الذي يفترض أن يكون محطة روحية كبرى، بات محفوفاً بالمخاطر بسبب عقلية أمنية وبيروقراطية لا تليق بحرمة المكان ولا بكرامة الإنسان.

إن بيت الله الحرام ليس مِلكًا لحاكم أو نظام، بل هو وقفٌ للأمة الإسلامية جمعاء، ويجب أن يبقى مكانًا آمناً، محررًا من التوظيف السياسي، متاحًا لكل من قصده مخلصًا دون قيدٍ أو خوف. لكن الواقع أن الحرمين باتا جزءاً من مشروع احتواء وتوظيف سياسي يخدم مصالح السلطة لا رسالة الأمة.

وتأسف الهيئة أن نرى السعودية تنجح في تنظيم مهرجانات مثل “ميدل بيست” وسباقات الفورمولا1 بقدرات لوجستية ضخمة، بينما تفشل في تنظيم مواسم الحج دون خسائر بشرية. هذا التباين الصارخ يؤكد أن الأولويات تُرسم بناء على الربح السياسي والاقتصادي لا على احترام قداسة الشعائر.

ولا تقف التجاوزات عند حدود الإهمال التنظيمي، بل تتعداها إلى انتهاكات جسيمة للحقوق الدينية، ومنها منع بعض المسلمين من الحصول على تأشيرات الحج لأسباب سياسية، واعتقال معتمرين بسبب آرائهم أو جنسياتهم، والتضييق على حريات التعبير داخل الحرمين، في خرق واضح لرسالة الحج الجامعة.

إن الهيئة تؤكد أن الحق في أداء شعائر الحج والعمرة هو حق مكفول في الشريعة الإسلامية، ولا يحق لأي نظام أن يصادره أو يمنح تأديته وفق حساباته السياسية أو الأمنية.

كما تدعو جميع الحكومات والمؤسسات الدينية والحقوقية إلى اتخاذ موقف واضح في وجه هذه الانتهاكات، والتصدي لمحاولات احتكار الشعيرة وتحويلها إلى أداة سيطرة.

وتدعو الهيئة السلطات السعودية إلى الاستجابة الفورية لمطالب الإصلاح الشاملة، وتحمّل مسؤولياتها أمام الله والأمة، وأن تبدأ بمراجعة جذرية لإدارة الحرمين، تضمن الشفافية، والمحاسبة، والمهنية العالية، كما تضمن احترام الحجاج وحقهم في أداء المناسك بسلام وكرامة.

الحرمين الشريفين مسؤولية الأمة كلها، ولا يجوز أن تظل هذه الشعيرة خاضعة لمعادلات السياسة الداخلية أو الطموحات الشخصية لأي حاكم. إن أمن الحج ليس ترفًا، بل واجبٌ شرعي، وإخفاقٌ فيه هو تفريطٌ بأمانة من أعظم الأمانات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى